في قديم ِالز ّمان , وقبلَ التّشخيص ِو التّجسيدْ ( قبلَ خلق ِالبشرْ ) 0 قبضَ اللهُ قبضة ًمنَ الهواء ِفخلقَ منها الفضائلَ
ثمّ قبضَ قبضة ًمنَ التراب ِو خلقَ منها الرذائلَ و الشهواتْ 0
ثمَّ خلقَ اللهُ البشرَ , وأسكنهمْ الأرضَ0
و هكذا عاشتْ الفضائلُ و الرّذائلُ في تناقض ٍ رهيب ٍو عداوة ٍ
كبيرة ٍو منْ شدة ِالملل ِمنْ هذا الوضع ِالمتناقض ِاقترح الجنون
لعبة ًيقومُ فيها لاعبٌ منْ هذه المتناقضات بإغماض ِ عينيه ِ
و البحث ِ عن اللاعبين الآخرين الذينَ يختارُ كلّ واحد ٌ منهمُ
الاختباءَ في مكان ٍ معيّنْ 0
و كلّ منْ يُكشفُ مكانَهُ سيُحبسُ في أجساد ِ البشر ِو سيكونُ خصلة ًمنْ خصالهمْ 0
وافقَ الجميعُ واقترحوا أنْ يكونَ الجنونُ هو اللاعبُ الأوّلُ الذي يغمضُ عينيه ِ0
أغمض َالجنونُ عينيه ِ0
فاختبأ الكذبُ في الصخور ِوالحجارة ِ0
واختبأت ِالخيانة ُفي القمامة ِ و الجيف ِ0
واختبأ الحسدُ في ماء البحر ِ0
أما الكسلُ فلم ْيقوَ على الاختباء ِ, وكانَ أولَ منْ رآه الجنونْ
أما الجمالُ فقد اختبأ في القمر ِ0
واختبأت ِالرّقة ُفي نسائم ِالصّباح ِ0
و القوّة ُ في الجبال ِ0
والعفّة ُفي الغيوم ِ0
أما الحبّ ُفلمْ يجدَ لهُ مكانا ً, نظرَ حولهُ فرأى بستان ً منَ الزهور ِ
البديعة ِو الورود ِالجميلة ِفقرّرَ أنْ يختبأ فيها 0
و هكذا بدأ الجنون ُ بكشف ِالفضائل ِو الرّذائل ِواحدا ًتلوَ الآخرْ
و لكنّهُ لمْ يستطعْ كشفَ مكان ِالحبّ ِو هنا استشاط َغضبا ً و قرّرَ
إنْ هو وجدهُ سيمزقهُ أشلاءً 0
و هنا وشوش َالحسد ُفي أذن ِالجنون ِ كاشفا ً عنْ مكان ِالحب ِّ
في تلك َ اللحظة ِحملَ الجنون ُهراوة ً و بدأ يضرب ُبها شرقا ً
و غربا ًحاصدا ًكلّ َالزّهور ِو الورود ِفي طريقه ِ0
فظهرَ الحبّ ُواضعا ًيديه ِفوق َعينيه ِمتألّما ً غارقا ً في دمه ِ
و بعدَ أنْ هدأتْ ثورة ُ الجنون ِتألمَ منْ فعلته ِو ندم َعلى ما
اقترفته ُيداهُ و خاطب َالحب ّ َقائلا ً : ما الذي أستطيع ُ أنْ
أقدمه ُ لكَ0
أجابهُ الحبّ ُ لقدْ أصبحت ُأعمى و عليكَ أنْ تكون َ دليلي.
اليوم َ بتّ ُأعرفُ لماذا قالَ الأقدمون َ:
( الحبّ ُأعمى ,يقودُهُ الجنون ُ)