"عازف الناي"
كم أحب صوت الناي...بل أعشق كل لحنٍ يزفه الناي...ينتابني احساس غريب عندما يصل عزفه إلى مسامعي....كنت قد أنهيت تسوقي حينها...
كنت قد خرجت من المحل متجهة إلى سيارتنا حينها...
هناك لَسعت جسدي ألحاناً لا أملك حروفاً كافية لأصف مدى روعتها،،،
هناك سمعت أجمل عزف للناي يطرق مسمعي...
وقف كل شيء من حولي..وقف الزمن ووقفت الدنيا حينها...
كنت بعالم ليس بعالمي..
كان يلحن هو بأجمل معاني الحب،، أما أنا فكأني كنت أغوص في رمال صحراء في ليلة سوداء لا أرى منها سوى آثار أقدام جمالٍ ورعاتها...
لماذا سيطرت بالي هذه الأفكار الخيالية بذاك الوقت؟؟
لا أعرف..من الممكن أن الليل كان معتماً حينها،، أم لا من الممكن أن عزفه كان مناسباً لبدوي أصيل يهدي هذه الألحان لعشيقته...
اتجهت لا شعورياً نحوه...لِم ذهبت بذاك الاتجاه...
ليس لدي أدنى فكرة..لكن شيئاً ما جذبني إليه..قد يكون العزف،، أو لا قد لا يكون.
أتعلمون ما الغريب في الأمر؟؟!
أقهرتني نظراته..اقهرتني نظرات عازف الناي..كان يرنو إلي بشدة..."ألن يخجل" هذا ما قلته بنفسي حينها...
فدرت بوجهي جاهلة كل ألحانه...سرت لأكمل طريقي....
حينها * استبدل صوت العزف بصوت عصا يقرع على البلاط... أدمعت عيناي...دارت بي الدنيا حينها... أعمى... هل سمعتم؟؟ نعم أعمى ... يا للمسكين كان يتسول كي يحصل على ما يترزق به ،، ظلمته... ظلمت نظراته... جنيت جنوناً حينها...
أين أبي؟؟ قد وصل الى السيارة في ذاك الموقف البعيد...
حسنا سأعطيه بنفسي لأرضي ضميري...
لكن أين حقيبتي؟! آه لا...قد أعطيتها لأمي كي آخذ عنها الأكياس...لِمَ يحصل كل هذا الآن؟
أخدعتني دموعي حينها...نزلت بغزارة...أخذت أمسحها حتى تبلل المنديل وتنتف في يدي.
تركت المكان ورحلت ،،، أحتفظت بألحانه في قلبي و تركت له هو شيئاً..شيء ليس بملموس...أهديته دعواتي الصادقة ... نعم تركت له دعواتي ورحلت...
قد مرت سنتان على رؤيته...وما زلت أدعي له....
فحفظك الله يا عازف الناي..