" بسم الله الرحمن الرحيم ..
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشى إلا الله ....
يعد مسجد ( جامع العطارين ) من أقدم المساجد الموجودة في الإسكندرية .. حيث أنشئ بعد الفتح الإسلامي للإسكندرية كما يعتبر واحداً من المعالم الإسلامية الموجودة بمدينة الإسكندرية . يقع مسجد العطارين في الشارع الذي يحمل اسمه بحي العطارين .. وقد عرف بهذا الاسم لوقوعه بالقرب من سوق العطارين أحد أشهر أسواق الإسكندرية قديماً .
تاريخ المسجد
وقد عرف هذا المسجد أيضا باسم الجامع الجيوشي نسبة إلى أمير الجيوشي بدر الدين الجمالي الذي قام بتجديده وتطويره وتوسعته في عام 477 هـ . كان المسجد عبارة مسجد صغير أنشئ بعد الفتح الإسلامي للإسكندرية.. وكان يعرف باسم الجامع الشرقي .. ولم يكن في الإسكندرية غير جامعين هما الجامع الشرقي ( جامع العطارين ) .. والجامع الغربي ( وهو الجامع الذي بناه عمرو بن العاص وعرف باسمه ) .
في بداية العصر الفاطمي تهدمت أجزاء من المسجد ..وتهاوت بعض أجزائه وبع أسقفه وأصيب بأضرار جسيمة فقد معها معظم معالمه .في عام 477 هـ جاء أمير الجيوش بدر الدين الجمالي إلى الإسكندرية لإخماد الثورة التي قام بها ابنه الأكبر والمسمى " الأوحد أبو الحسن " والملقب بمظفر الدولة والذي ولاه أبوه على الإسكندرية فثار عليه ولم تفلح معه أي محاولات لعدوله عن ثورته فذهب إليه أبوه وحاصر الإسكندرية شهراً حتى طلب أهلها منه الأمان وفتحوا له الباب ..فدخل الإسكندرية أخذ ابنه أسيراً .. وعاقب أهل الإسكندرية لتمردهم عليه بأن فرض عليهم جميعا مسلمين ومسيحيين مائة وعشرين ديناراً حملت إليه فجدد بها بناء جامع العطارين
وكان بدر الجمالي قد شاهد أثناء تجوله بالإسكندرية مسجد العطارين متهدماً فأمر ببنائه وتجديده .. وأنفق على بنائه الأموال التي فرضها على أهل الإسكندرية .. وأقام فيه صلاة الجمعة .استمر جامع العطارين مسجداً جامعاً أي تقام فيه الجمع إلى أن زالت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي والذي أمر ببناء جامع آخر نقل إليه الخطبة من جامع العطارين .
تعرض جامع العطارين بعد ذلك للإهمال وأصابته بعض الأضرار حيث سقطت بعض أعمدته نحو سنة 772 هـ في عام 773 هـ تم ترميم مسجد العطارين وإصلاح ما تهدم منه إلا أنه لم يلق العناية الكافية في العصرين المملوكي والعثماني .. فتصدعت جدرانه وتهاوى سقفه مرة أخرى .في عام 1901 م أمر الخديوي عباس حلمي الثاني بتجديد عمارة جامع العطارين ..ولم يبقى بعد عمارة المسجد الجديد من المسجد القديم إلا اللوحة التي سجل عليها تاريخ تأسيس الجامع في عصر بدر الدين الجمالي ومكتوب عليها
أمر بإنشائه السيد الأجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو النجم بدر المستنصري عند حلول ركابه الإسكندرية ومشاهدة هذا الجامع خراباً فرأى بحسن ولائه ودينه تجديده زلفى إلى الله تعالى وذلك في ربيع سنة سبع وسبعين وأربعمائة "
وصف المسجد :
ويتكون المسجد الحالي من مساحة مستطيلة تبدو من الخارج مثلثة الشكل حيث يتصدر قمة المثلث من الخارج بالناحية الجنوبية الشرقية كتلة المئذنة .. وللجامع واجهتان هما الواجهة الشمالية الشرقية وهي الواجهة الرئيسية ويقع بها المدخل الرئيسي للجامع الذي يقع بالطرف الشمالي للواجهة .
ويتكون الجامع من الداخل من طابقين خصص الطابق الأرضي لصلاة الرجال بينما خصص الطابق الأول للنساء ويوجد بالطرف الشرقي لواجهة المسجد مدخل آخر يؤدي إلى القبة الضريحية وقد كتب أعلى هذا المدخل هذا النص " هذا ضريح سيدي محمد بن سليمان بن خالد بن الوليد .. جدد سنة 1319 " .
أما الواجهة الجنوبية الغربية فيقع بها مجموعة من المحلات كانت موقوفة على المسجد للصرف من ريعها عليه .ويقع بالطرف الغربي للواجهة مدخل آخر يؤدي إلى روضة الجامع ويعلوه هذه الكتابة " جدد هذا المسجد المبارك في عصر خديوي مصر عباس حلمي أدام الله أيامه سنة 1319هـ " .
ويتوج شرفات المسجد من أعلى صف من الشرفات على هيئة ورقة نباتية سباعية الفصوص
ويوجد بالناحية الجنوبية الغربية من بيت الصلاة فتحة باب تؤدي إلى روضة الجامع وهي عبارة عن مساحة مستطيلة مكشوفة غرس بها بعض الأشجار وبلطت الجدران بالقيشاني الملون بألوان جميلة .