( 13 ) الحزب الناصري
في أعقاب فتح المجال أمام القوى السياسية المصرية المختلفة لتقديم طلبات تأسيس أحزاب مصرية في منتصف السبعينيات، تدفقت القوى السياسية المصرية المختلفة على لجنة شؤون الأحزاب المصرية، لتقديم طلبات تأسيس أحزاب. وفي المقابل استمرت اللجنة في رفض كل الطلبات، التي تقدمت لها، بحجة عدم تمايز برامج هذه الأحزاب.
وكان من بين القوى، التي تقدمت بأوراق تأسيس حزب، عدد من فصائل الناصريين، خصوصا فصيلي التيار اليساري القديم والجديد (فريد عبد الكريم وضياء الدين داود)، بيد أن رفض لجنة الأحزاب تأسيس أي من حزبي الناصريين دفعهما لرفع قضايا أمام محكمة القضاء الإداري، للطعن في قرارات رفض لجنة الأحزاب لهم. وقد وافقت المحكمة في عام 1992 على قبول تأسيس الحزب العربي الناصري، بزعامة ضياء الدين داود، لتحسم الصراع بين الناصريين على من يمثلهم رسميا، وليعبر عن التيار الناصري القومي وميراث ثورة تموز (يوليو) 1952.
وقد نتج عن تأسيس الحزب العربي الناصري، ورفض الاعتراف الرسمي ببقية القوى الناصرية، أن دعت بعض القوى الناصرية كل فصائل الناصريين إلى الانضمام إلى الحزب الوليد، وتناسي الخلافات القديمة، واستجاب البعض للدعوة، بينما رفضها آخرون. بيد أن هذا الاقتراح تحول إلى كابوس بعد أقل من خمسة أعوام على تشكيل الحزب الناصري،
وذلك بسبب انتقال خلافات فصائل الناصريين إلى هذا الحزب الجديد، ما أثر على فاعليته، وشل قدرته تقريبا، الأمر الذي دفع البعض إلى الانسحاب من الحزب طواعية، وفصل الحزب آخرين، بعدما وقعت صدامات داخل لجان الحزب بين القوى المتنافسة.
انقسامات الناصريين
ينقسم ناصريو مصر إلى خمسة فصائل هي:
- مجموعة ضياء الدين داود، وهؤلاء هم الجناح الوحيد الذي نجح في الانتظام في حزب رسمي، تحت اسم "الحزب العربي الناصري"، الذي يمثل الناصريين رسميا.
- مجموعة فريد عبد الكريم، وهي تمثل ما يعرف بـ "الحرس القديم" للناصريين، وكان يطلق عليها اسم "الحزب الاشتراكي المصري الناصري"، ولكن محكمة الأحزاب المصرية رفضت طلبهم لتأسيس حزب ناصري.
- مجموعة حمدين صباحي وأمين إسكندر وهذه تمثل جيل الشباب الناصري، الذي هو الجيل الثالث من الناصريين، وقد عمل الاثنان، وهما صحفيان، في ما بعد في جريدة الحزب الناصري (مجموعة ضياء الدين داود).
- مجموعة كمال أحمد، وهذه تعادي الحرس القديم للناصريين، خصوصا فريد عبد الكريم، ويطلق عليها اسم "الحزب الناصري - تحالف قوى الشعب العاملة".
- مجموعة الناصريين المستقلين، وهؤلاء لا يوافقون أيا من المجموعات الأربع السابقة في آرائها، ولهم أطروحات مختلفة نسبيا.
وقد تسببت هذه الخلافات والنزاعات بين الناصريين في تشتيت قواهم، وتنازعهم "قميص" الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وادعاء كل فصيل أنه الأحق بالتعبير عن أفكار الناصرية، وتجربتها في الحكم في عهد الرئيس المصري الأسبق.
كما انعكس هذا على الانتخابات، التي شارك فيها الناصريون، الذين باتوا يعانون عدم وجود كوادر حقيقية تمثلهم في الانتخابات، خصوصا مع تراجع نفوذهم، مثلهم مثل بقية القوى السياسية المصرية الأخرى لصالح التيار الإسلامي عموما.