site admin Admin
عدد الرسائل : 2065 الموقع : USA تاريخ التسجيل : 09/09/2007
| موضوع: أوباما وجائزة نوبل للسلام الجمعة أكتوبر 16, 2009 9:46 pm | |
|
لقد جاء منح جائزة نوبل للسلام للرئيس الأمريكي باراك أوباما مفاجأة بجميع المقاييس. ولقد اثار قرارا للجنة النرويجية عدة تساؤلات في مقدمتها هل هذا القرار مبني علي حيثيات موضوعية ترتبط بنظام الجائزة؟ أم ان اعتبارات سياسية هي التي أملت هذا القرار؟ وهل من المنطقي إعطاء الجائزة لرئيس في موقعه خاصة انه رئيس أكبر دولة ويترأس بحكم منصبه أكبر جيش في العالم وله تدخلات في حروب أو مناوشات عسكرية في عديد من مناطق العالم؟ وهل تعطي الجائزة نتيجة قيام من يحصل عليها بإنجازات واضحة سابقة علي منحه إياها أم نتيجة لنواياه الطيبة؟ وتساؤلات كثيرة. ولقد شاء حظي أن أعمل في سفارة مصر في النرويج في سبعينيات القرن الماضي وأن أكون متابعا عن كثب لجائزة نوبل والقرارات المتصلة بها والتعليقات العديدة التي أحاطت بمنحها. وقد منحت اللجنة جائزة نوبل للسلام عام ٨٧٩١ للرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن مناصفة نتيجة مبادرة الرئيس السادات بزيارة القدس وكسر حاجز العداء العربي الإسرائيلي وإطلاق مبادرة للسلام. وكان التساؤل آنذاك إذا كان قرار السادات بزيارة القدس قرارا شجاعا فإن استجابة بيجين لم تكن بنفس المستوي فلماذا يتم تقسيم الجائزة مناصفة؟ ولقد طرحت دائما تساؤلات وشكوك حول دوافع اعطاء جائزة نوبل للسلام فقد منحت في أتون الحرب الباردة في منتصف السبعينيات للمنشق السوفيتي سخاروف وتم منح الجائزة للمعارضة سران سوكي في ميانمار »بورما« وكل دورها هو معارضة النظام العسكري في بلادها وغير ذلك كثير. فإذا قارنا أعمال كثير من الشخصيات التي منحت الجائزة عبر السنين نجد عددا كبيرا منهم موضع تساؤلات وشكوك في أحقيتهم.. ولكن هذه الشكوك هي من وجهة نظرنا كباحثين أو مراقبين إلا ان أصحاب القرار في اللجنة الخماسية لهم رؤيتهم الأخري وهي مدي شجاعة الشخص الذي يمنح الجائزة في قراراته غير التقليدية ومدي قدرته علي تحريك التغيير في بلاده أو في منطقته الجغرافية ومنها مدي تحديه للظلم المحيط ببلاده وشعبه .. ولابد ان نقول إن اللجنة تؤمن بعملية فرز المرشحين وفقا لمعيار مرن فالمرشحون يأتون من العديد من مناطق العالم ومن مختلف الحضارات والثقافات والشعوب واللجنة قرارها ديمقراطي يمكن ان تكون ثلاثة مقابل اثنين فهي ليست بالضرورة اجماعية في قراراتها ولا تكشف عادة عن مداولاتها ولكنها تعلن حيثيات قرارها النهائي ولا تشير للرأي المخالف إذا وجد حفاظا علي قدسية واحترام القرار. والتساؤل المطروح بخصوص الرئيس أوباما نجد انه تساؤل في موضعه فمفهوم القبول العام هو مفهوم عربي بامتياز يرتبط بالنزعة السلطوية.. ومن ثم فإن القرار الخاص بمنح الجائزة لأوباما لابد ان يكون له مؤيدوه ومعارضوه. وباعتباري من المتابعين للشئون الدولية أقول ان باراك أوباما يستحق الجائزة وفقا لتقاليد اللجنة المختصة فهو قام بأعمال وأطلق مبادرات حركت المياه الراكدة في العلاقات الدولية وأحيت عدة مبادئ تجاهلتها الولايات المتحدة لسنوات طويلة. فقد أطلق عملية التعامل الدبلوماسي في العلاقات الدولية وهي التي تم تجاهلها عبر مدي ٨ سنوات علي الأقل طوال حكم الرئيس جورج دبليو بوش. وأدي هذا الاطلاق إلي نتائج منها تحريك الملف الخاص بالبرنامج النووي الايراني بمباحثات مباشرة لوحت خلالها ايران لأول مرة بالاستعداد لنقل مخلفات الوقود النووي خارج حدودها، وحرك عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وحرك عملية السلام في دارفور وإعلان انفتاح علي سوريا وتوقف عن اطلاق شعار تغيير النظم السياسية في العالم وأعاد تصحيح صورة الولايات المتحدة في عدد من الدول الإسلامية بخطابه في جامعة القاهرة الموجه للعالم الإسلامي في يونيو ٩٠٠٢. ولكن الأهم من كل ذلك في تقديري حقيقتان مهمتان. الأولي هي مصداقية باراك أوباما فهو يعلن ما يؤمن به ويعتقد فيه. الثانية هي اتساق مواقفه فما أعلنه في فترة السباق الانتخابي سرعان ما بادر إلي وضعه موضع التنفيذ وإن كان بترو وتأن. أما بالنسبة للتساؤل عن النوايا والإنجازات أو عن الرئيس الجالس في منصبه فإن الإجابة علي ذلك في تقديري يمكن القول بشأنها ان اللجنة تمنح الجائزة علي النوايا أو اللمحات واللفتات فهي علي سبيل المثال منحت الجائزة مرتين لشخصيات السادات وبيجن، ثم لياسر عرفات ورابين ورغم مضي أكثر من ثلاثة عقود فمازال السلام لم يتحقق .
أما بالنسبة للرئيس الجالس فقد سبق منحها للرئيس الأمريكي ودرو ويلسون للنقاط الأربع عشرة للسلام التي أعلنها أثناء الحرب العالمية الأولي ولسعيه لبناء عالم ما بعد الحرب وإنشاء عصبة الأمم رغم اخفاقه في انضمام الولايات المتحدة نفسها لتلك العصبة.. كما منحت للرئيس السادات ولرئيس الوزراء بيجين وهما في السلطة .نقول إنه ليس هناك في قواعد العمل في الجائزة ما يمنع منحها لرئيس في منصبه إنه قرار دول متقدمة وأناس أعضاء في لجنة لا يجاملون الحكام ولا ينافقونهم إنه قرار قد نختلف بشأنه وهذا طبيعي ولكنه قرار ذو مصداقية لأن أصحابه أناس ذوو مصداقية وأمانة ونزاهة.
بقلم : د.محمد نعمان جلال
| |
|