رد
على أن المعاصي وراء كارثة سيول جدة
التي أودت بأكثر من 116 قتيلا
وجرفت عشرات المنازل والسيارات
ردت مجموعة من الأراء حصلت عليها "العربية.نت" على حديث يتصاعد في المنتديات أن المعاصي والذنوب وراء كارثة سيول جدة التي أودت بأكثر من 116 قتيلا، وجرفت عشرات المنازل والسيارات.واعتبرت هذه الأراء أن ذلك محاولة للقفز على الحقيقة كونها تسقط جانب التقصير البشري، المتهم الأول في هذه الاستعدادات لمواجهة مثل هذه الظواهر، وتبرز محاسبة دينية غير مبررة، وغير متناسبة مع الحدث. واستدلوا على ذلك بأن الضحايا والخسائر انحصرت في الفقراء وبينهم بعض الدعاة الذين يعملون في مجال الدعوة، فيما لم تصب المنشآت السياحية أو التجارية الكبيرة بسوء. .وكان قد صدر قبل أيام من حدوث السيول بيان عن شخصيات سعودية معروفة، ومن بينها دينية يتضامن مع كارثة جدة، ويتضمن عشرة بنود أبرزها: "منع المظاهر العامة للمنكرات وتعزيز دور هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاهتمام بالمناشط الدعوية النافعة، فإن الذنوب والمعاصي من أكبر أسباب نزول البلاء
الرد رقم ( 1 ) : كلام لا أصل له
عن هذا الموضوع يؤكد لـ "لعربية.نت" كبير المفتين بإدارة الإفتاء في دبي الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد أنه "ليس بالضرورة أن يكون ما يقدره الله على المسلمين من كوارث سماوية أو أرضية بسبب المعاصي والسيئات، فإن الله تعالى قد يبتلي المؤمنين ليختبرهم ويمحصهم كما قال سبحانه: { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ }.
وأضاف وأما ما يتردد على ألسنة الناس "فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة" فهو كلام يجري على ألسنة الوعاظ ولا أصل له مرفوع، بل الوارد أن النبي صلى الله عليه وسلم : "سأل ربه ثلاثا، قال: فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة ، سألت ربي: أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" والمعنى أنه لا يهلك الأمة كلها كما أهلك قوم نوح، أما ما يكون لبعض القرى أو الأحياء أو حتى المدن، فلم يسأل ربه ذلك، ومعناه أنه قد يكون مثل ذلك على أمته في بعض الأزمنة والأمكنة وهذا ما هو واقع بالفعل. مضيفا: "ومع ذلك فإن الامتحان الإلهي لعباده يتعين فيه على العباد أن يفزعوا لربهم ويدعونه لكشف الضر عنهم، فهو سبحانه يكشف السوء ويرفع الضر ويجيب دعوة المضطر، ويحب نداء عباده وتضرعهم إليه سبحانه".
وعن استشراء الفساد المالي والإداري يؤكد الحداد "نعم هذا هو السبب المباشر لكل أمة، فما حل فساد إلا بسوء إدارة وخراب الذمم، ولكن سوء الإدارة وعدم النظر إلى العواقب والمآلات، أو عدم الكفاءة من المعنيين هو الذي يؤدي لمثل ذلك في الغالب".
الرد رقم ( 2 ): استغلال سيء للدين
أما الكاتب السعودي خلف الحربي فيقول "هذا استغلال سيء للدين وهو استغلال لنصوص الابتلاء، والمفترض هو مواساة أهل جدة وليس الربط بين ما حدث والسيول، يعني لا أحد يعرف ولا يتخيل كم هي الأحزان لدى الأسر التي فقدت من نحتسبهم عند الله شهداء، وهناك من فقدوا منازلهم، ثم أن ما يدحض هذا الكلام أن هذه الكارثة راح فيها الفقراء وربما بعض الدعاة ولم تقتحم المنتجعات السياحية على سبيل المثال. أنا شخصيا اعتبر ذلك إرهابا فكريا واستغلالا لنصوص الدين، وليت هؤلاء يقتدون بالشباب والفتيات المتطوعين لخدمة ومساعدة المتضررين".
وعن قيام بعض الخطباء بالربط بين الأمرين ينضم الحربي للمطالبين باتخاذ إجراءات ضدهم ويقول "يجب اتخاذ إجراءات ويلفت نظرهم وتكون هناك عقوبة لأن ذلك توظيف خاطئ في الوقت الذي يحتاج الناس فيه لمساندة وليس اتهامهم في أخلاقهم، ومثل هذه المواقف تفرق بين من يدرك ويقدر مسؤولية المنبر من عدمها".
الرد رقم ( 3 ) : دعوة للعقوبات
من جهته يؤكد الكاتب السعودي صالح الطريقي أن الرد على هؤلاء يبدأ "من حديث الملك عبدالله الذي في خطابه أكد أن ما حدث في جدة يحدث مثله وشبه يومي في دول أخرى ودول متقدمة ودول فقيرة وغيرها".
ويرى الطريقي أن الفئة التي ترى ذلك "مازالوا متمسكين في أساطير قديمة لبعض الأديان التي تنسب الكوارث لعدم وجود القرابين، بينما الحق في وجود الأسباب المادية والبشرية ويصف من يرى ذلك بأنهم ممن" تسيطر عليهم الأفكار القديمة "أنا اعتقد لو أن هناك أشخاصا أكلوا الأمانة فغرق الناس، فهذه ليست عقوبة من الله، وإنما نتائج جريمة ارتكبت".
ويوجه لهم السؤال "في اعتقادي لو أن شخصا منهم جاءته مصيبة في بيته وأهله هل سيقبل أن يقول له أحد أن ذلك بسبب معاصيه وفسقه! .. أنا طالبت ومازلت أطالب بإيجاد قانون يحاسب هؤلاء الأشخاص ومن يتهم أحدا بالفساد عليه أن يأتي ببينة أو يقام عليه الحد وهو ما كان يحرص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بعيدا عن تفسيرات وهمية ودخول في الغيبيات ثم لماذا لا يكون هذا ابتلاء للمؤمن؟.
هذا في الوقت الذي يؤيد فيه الكاتب إدريس الدريس زميليه من عدة زاويا ويرى أن من وقعوا البيان "كانوا يريدون الوعظ في غير محله وحاكموا النيات. لا نشكك في نواياهم ولكنهم لم يوفقوا في اختيار الطريقة والأسلوب فهناك فساد مالي وإداري أدى إلى الكارثة، أنا أتحفظ على ربط الأسباب بالمعاصي والذنوب، كان عليهم الحديث عن فساد المشاريع وضياع الأمانة ما صدر منهم يعتبر في غير مكانه وزمانه".
ويطالب ادريس "الشؤون الإسلامية أن تنتقي خطباءها" ولا يعيبها أن تنتقي المواضيع كما تفعل أحيانا فالمنبر إسلامي أسبوعي، ولا يجب أن تبقى المواضيع كلها بعيدة عن الهموم الدنيوية، لكن هؤلاء لهم حضورهم وتواجدهم وأحيانا يستغلون مثل هذه المناسبات وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح".