آداب الطعام والشراب
د حسن ابراهيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن للطعام والشراب آدابًا يحسن بالمسلم أن يتعلمها لأن بعضها واجب يلزم العمل به، والبعض الآخر مستحب يثاب فاعله ولا يأثم تاركه، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا من الذين يسارعون في الخيرات، اللهم آمين.
وفيما يلي بيان ببعض تلك الآداب:
1- التسمية في أول الطعام (والشراب)، والحمد في آخره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «سمِّ الله، وكُل بيمينك، وكُل مما يليك». متفق عليه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه». رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء». رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: باسم الله أوله وآخره». رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني رحمهم الله.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال: «الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه». رواه البخاري.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أكل طعامًا فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ؛ غُفر له ما تقدم من ذنبه». رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني، رحمهم الله.
2- ويكره ذم الطعام ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه». متفق عليه.
3- ويحرم الأكل أو الشرب بالشمال ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يأكلن أحدكم بشماله، ولا يشربن بها، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها». رواه مسلم.
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: «كُل بيمينك». قال: لا أستطيع. قال: «لا استطعت». ما منعه إلا الكبر. فما رفعها إلى فِيه. رواه مسلم.
روى أن يده شُلت في الحال بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فأصبح بالفعل عاجزًا عن الأكل بها.
4- ويستحب الاجتماع على الطعام ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يُبارك لكم فيه». رواه أبو داود وصححه الألباني، رحمهما الله.
5- ويستحب الأكل من جانب القصعة، ويكره الأكل من وسطها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وكل مما يليك». متفق عليه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «البركة تنزل وسط الطعام، فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه». رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني، رحمهم الله.
6- ويكره الأكل متكئًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا آكل متكئًا». رواه البخاري.
7- ويستحب الأكل بثلاث أصابع ولعقها ولعق القصعة، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها. رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: «إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة». رواه مسلم.
8- ومن السنة أخذ اللقمة التي سقطت وأكلها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة». رواه مسلم.
9- ويستحب تكثير الأيدي على الطعام ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة». متفق عليه. وفي رواية لمسلم: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية».
10- ويكره التنفس في الإناء، ويستحب التنفس خارجه ثلاثًا، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء. متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الشراب ثلاثًا. متفق عليه.
والمعنى أنه كان يتنفس خارج الإناء ثلاثًا.
11- ويكره الشرب من فم القربة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُشرب من في السقاء أو القربة.
متفق عليه.
12- ويكره النفخ في الإناء. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه. رواه الترمذي وصححه الألباني، رحمهما الله.
13- ويستحب الشرب والأكل قاعدًا، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائمًا، قال قتادة: فقلنا لأنس: فالأكل؟ قال ذلك أشر وأخبث. رواه مسلم.
وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائمًا.
ويجوز الشرب من ماء زمزم قائمًا، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سقيت النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم. متفق عليه.
14- ويستحب أن يكون ساقي القوم آخرهم شربًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ساقي القوم آخرهم». يعني شربًا. رواه الترمذي وصححه الألباني، رحمهما الله.
15- ويحرم الأكل أو الشرب في آنية الذهب والفضة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم». متفق عليه. وفي رواية لمسلم: «إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب».
16- ويحرم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. رواه مسلم.
17- ويحرم تعاطي المسكرات ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام».
رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «كل شراب أسكر فهو حرام».
18- ويكره نقع التمر والزبيب جميعًا ؛ لأن السكر يسرع إلى الخليط قبل أن يتغير طعمه فيحسبه الشارب غير مسكر بينما يكون في الحقيقة مسكرًا. عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعًا. رواه مسلم.
19- ويحرم التداوي بالخمر لقوله صلى الله عليه وسلم : «إنه ليس بدواء، ولكنه داء». رواه مسلم.
20- ومن السنة تغطية الإناء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «غطوا الإناء وأوكوا السقاء». رواه مسلم.
21- ويستحب أن يسقي الشارب من على يمينه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الأيمنون، الأيمنون، الأيمنون». قال أنس: فهي سنة، فهي سنة، فهي سنة. رواه مسلم.
22- ويستحب التقلل من الطعام والشراب ؛ لقوله تعالى:
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا [الأعراف: 31]،
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من بطن، بحسب ابن آدم أكلاتٌ (يعني لقمٌ) يُقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه». رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني، رحمهم الله تعالى - آمين.
23- مواسم الطعام والشراب:
للطعام والشراب مواسم منها:
أ- أيام التشريق ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله». رواه مسلم.
وفي رواية لأحمد: «إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل».
رواه أحمد وغيره وصححه الألباني.
ب- ولائم العرس ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَوْلم ولَوْ بشاة». رواه مسلم.
ويستحب إجابة الدعوة لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم أخاه فليجب». رواه مسلم.
كما يستحب دعوة الفقراء والأغنياء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «شر الطعام طعام الوليمة يُمنعها من يأتيها ويُدعي إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله».
رواه مسلم.
جـ- ولائم العقيقة: ويستحب أن تقسم ذبيحة العقيقة كما تقسم الأضحية: يأكل منها أهل البيت ويتصدقون ويهدون.
24- شهر رمضان هو شهر الصيام وليس شهرًا للطعام، وما يفعله الناس الآن من إعداد ميزانية خاصة لما لذ وطاب من الأطعمة وأنواع الحلوى في هذا الشهر مخالف للسنة وللمقصود من الصيام.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا رزقًا حلالاً طيبًا، وأن يُبارك لنا فيه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.