عبدالله الأحمر .. الشيخ والجبل رجل بأُمَّة ..هكذا يقول عنه رجل الشارع اليمني؛ أما المحللون السياسيون –خاصة خارج اليمن- فيقولون: إنه من الرجال القليلين في عالم اليوم الذين تفوق قوتهم – أحياناً كثيرة – قوة الدولة، أما الرئيسعلىعبد الله صالح فيصفه بأنه أكبر من الأحزاب، ويقول عنه: إنه من ثوابت الحياة السياسية في اليمن.. إنه الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر..
يطلق عليه اليمنيون الشيخ ..دون مزيد من التعريف ..وفي هذا الكفاية للإشارة إليه.. تمتد جذور أسرته إلى قرون بعيدة حيث كان ملوك بنو الأحمر هم آخر ملوك حكموا الأندلس.. حينما يزور إسبانيا تحتفل به الحكومة هناك وينزل ضيفاً في أحد القصور التي كانت في يوم من الأيام مِلْكًا لأسرته..
نشأته
** فتح الطفل عبد الله عينيه في بيئة امتزج فيها نقاء الهواء بأجواء السياسة المتغيرة.. أبوه الشيخ حسين الأحمر من رموز العمل الوطني في اليمن.. كان من أشد المعارضين لحكم الأئمة.. أَشْرَب أولاده كراهية ذلك الحكم الذي كان أقل ما يوصف به بالمتخلف.. كان الإمامأحمد يُطَوِّق اليمن بسياج من العزلة الحضارية والثقافية جعلت البلاد تتأخر عدة قرون للوراء.. ترسبت كراهية هذا النمط الشمولي المتخلف من الحكم في عقل الطفل عبد الله.. فقرر منذ الصغر أن يُخَلِّص البلاد حينما يكبر من الأئمة جميعاً..
** كان الشيخ حسين الأحمر وأخيه حميد أقوى الزعامات القبلية المناوئة لحكم الإمام أحمد وفي جُنْح الليل توجه آلاف من جنود الإمام مدججين بالسلاحإلىمخبأ الشيخ حسين وبعد ساعات قليلة من إطلاق النار المتبادل سقط فيها من سقط، وسَلَّم نَفْسَهُ مَنْ سلمعلىأمل أن يُفرج عنهم في مفاوضات قَبَلِيَّة تجري فيما بعد.. كان الشيخ حسين وأخوه حميد ممن سلموا أنفسهم لتلك الحملة.. لكن حُكْم الإعدام نفذ فيهم.. وهكذا شَبَّ الطفل عبد الله وصورة والده لا تفارق خياله.. وكلماته التي كان يقول فيها:" إن حياة الإنسان لا تساوي شيئاً إذا عاش لنفسه فقط لكنها تساوي الكثير إذا عاش لغيره.."
** حفظ الصبي عبد الله القرآن، وتلقّى تعليمه الشرعي كغيره من أبناء جيله في ذلك الوقت.. لكنه تميز عنهم بمصاحبته لكبار علماء عصره الذين كان يحرص والده الشيخ حسينعلىاستضافتهم في بيته بمنطقة خولان الجبلية.. تلك المنطقة التي لها فضل كبيرعلىسكانها؛ فقد ربتهم جبالها الوعرةعلىالقوة والشجاعة.. وقد أضافت حادثة إعدام والده وعمه بُعداً جديداً لشخصيته.. حيث ازداد تصميمهعلىتخليص البلاد من ذلك الكابوس المسمي بالأئمة.. وكذلك والدته التي لم تَفْتُر همتها يوماً عن تذكيره بضرورة القصاص من قاتل والده.. وهكذا شاءت أقدار الله عز وجل أن تمتزج الدوافع الشخصية بالآمال الوطنية في تكوين شخصية ذلك الطفل الذي سيغير وجه الحياة السياسية في اليمن في السنوات القليلة القادمة.. وَثَّق عبد الله صلاته بالقبائل الذين اعتبروه الوريث الشرعي لرئاسة مشيختهم بعد إعدام شيخهم حسين الأحمر.
** وهنا سَمِع الإمام أحمد به وخشي الأمام احمد امام اليمن حيئنذاك علىسلطانه من هذا الشاب الذي لم ينس يوماً دماء والده وعمه.. فقرر أن يعطي الفرصة لقضبان السجن في أن تُحَجِّم نشاطه.. وبالفعل ظل الشيخ الصغير عبد الله بن حسين الأحمر يئن من مرارة الاعتقال ثلاث سنوات.
** ويخرج الشيخ عبد الله بن حسين من السجن وقد بلغ من العمر التاسعة والعشرين.. فجمع قبائل "حاشد" حوله وراح يطارد قوات الإمام التي لم تزل متحصنة خارج صنعاء.. واستطاع أن يحقق عليهم في عام 1962 انتصارات سجلت اسمهعلىرأس قائمة الثوار الأحرار.. ولم يستطع الإمام بدر – آخر الأئمة الذين حكموا اليمن- أن يصمد أمام هجمات الشيخ عبد الله ورجاله.. ففرّ خارج اليمن.. وطُوِيت بذلك صفحة مثيرة من تاريخ اليمن استمرت عدة قرون لتفتح صفحة جديدة يبرز من خلالها الشيخ الشاب عبد الله بن حسين الأحمر كحلقة وسط بين رجل الدولة والزعيم القبلي..
** متزوج منأسرة طيبة، وكان من ثمرة ذلك الزواج: قَحْطَان، وحِمْيَر، وحَمُّود وغيرهم من الأولاد الذين اكتسبوا منذ الصغر لقب شيخ، ولتسمية الشيخ عبد الله أولاده بهذه الأسماء دلالة يقول عنها: إن هذه كانت أسماء لبعض ملوك اليمن في الماضي، ويعود تاريخ بعضهمإلىآلاف السنين ليعيد بعث الروح العربية الأصيلة في قلوب الأسر الحالية.
**لصلاة الجمعة عند الشيخ الأحمر قدسية خاصة.. حيث يتهيأ لها في ساعة مبكرة من صبيحة الجمعة.. ويخرج في كَوْكَبة من رجاله..إلىمسجد الدعوة المجاور لبيته في حي "الحصَبة" ليجلس في الصفوف الأولى يستمع بإنصاتإلىالخطيب، ويحرص المصلونعلىالالتقاء بشيخهم عقب الصلاة، في جو من الود الصادق البعيد عن التكلف، ووسط سحب من دخان البخور السقطري الجميل الذي يسود جنبات المسجد..
حيات العملية
1- وزيرا لوزارة الداخلية طيلة ثلاث وزارت مختلفة بين عامي 1964 و 1965 .. حيث استعمل الشيخ نفوذه القبلي الواسع في ردع مثيري الشغب ومن اعتادوا الإجرام..
2- ثم رأى اليمنيون أن يضعوا دستوراً للبلاد ينظم أمر الجمهورية الفتية.. فانتخب الشيخ عبد الله رئيساً للمجلس الوطني الذي صاغ الدستور الدائم لليمن.. بعدها تأكد لليمنيين أن المكان اللائق بشيخهم الذي وصلإلىسن السادسة والثلاثين
3- رئاسته لمجلس الشورى – البرلمان في ذلك الوقت – وظل هذا المنصب حِكْراًعلىالشيخ عبد الله منذ عام 1971 حتى رحيله
4- رئاسته لحزب التجمع اليمني للإصلاح – الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن [right]
وفاتهانتقل الى ذمة الله فجر أمس السبت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب (البرلمان) اليمني شيخ مشائخ قبيلة حاشد، كبرى القبائل اليمنية، والمؤسس الأبرز لحزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد.
وأعلن رسمياً في صنعاء والرياض عن وفاة الشيخ الأحمر بعد صراع طويل مع مرضي السكري والسرطان، وأعلنت الحكومة اليمنية الحداد لمدة 3 أيام، وسيشيع جثمانه غداً الاثنين في صنعاء.
وجاء إعلان وفاة الشيخ الأحمر صباح أمس في بيان مقتضب أصدره نجله الأكبر الشيخ صادق الأحمر من العاصمة السعودية الرياض، حيث توفي في مستشفى الملك فيصل التخصصي فجر السبت،
تم نعيه فى بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية، أعلنت من خلاله الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام ابتداء من يوم أمس، فيما تقرر تشييع جثمانه يوم غد الاثنين في العاصمة صنعاء بحضور الرئيس علي عبدالله صالح، الذي يبدو أنه أكبر الخاسرين من رحيل الشيخ الأحمر.
ووصف بيان النعي الصادر عن رئاسة الجمهورية الشيخ الأحمر ب”المناضل الوطني الجسور والمجاهد الكبير”، الذي قال إنه رحل “بعد رحلة نضال وعطاء وجهاد طويلة قضاها في سبيل خدمة الوطن الثورة والنظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية والتنمية وخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية”.
وأكد البيان أن الراحل “كان رمزا من الرموز الوطنية العملاقة ودعامة قوية وكبيرة للثورة والجمهورية وشخصية وطنية قومية وإسلامية بارزة كرس كل جهوده لخدمة وطنه وأمته العربية والإسلامية وذلك بما امتلكه رحمه الله من رصيد نضالي وطني وقومي وإسلامي كبير ومشرف تجلى في العديد من المواقف الوطنية والقومية والإسلامية المبدئية الشجاعة والمآثر البطولية النادرة في الدفاع عن الوطن وثورته ونظامه الجمهوري ووحدته والاسهام في مسيرة تنميته ونهضته وتقدمه”.
رحمة الله على الشيج الأحمر
فقد كان فخرا للبلاد ودرعا من دروع الديمقراطية