التقين مرة أخرى في قاعات الكلية وبين أروقتها بعد الإجازة الصيفية. . . ومنهن من انضمت إلى ركب المتزوجات، ودخلت كما يقولون في القفص الذهبي!!
وجلسن – كعادتهن- على فرشتهن الكبيرة يتحدثن في كل شيء وعن كل شيء . . يرشفن القهوة ويتذوقن من أطايب الحلويات. . .
كانت (سارة) أحدثهن زواجاً فلم يمض على زواجها سوى ثلاثة أسابيع، وكما هو معروف . . . جلست (سارة) تتحدث عن حياتها الجديدة والجميع يستمع إلى حديثها باهتمام!
حدثتنا عن حفلة زواجها وعن حمولتها، حدثتنا عن شقتها وأثاثها ... حتى الهدايا التي تلقتها وصفتها لنا !!
وكان ما يشجعها على الاسترسال باستمتاع هو إظهار الانبهار من رفيقاتها وطلب المزيد من الأخبار عن حياتها الخاصة التي أصبحت مكشوفة لدينا... فهي فرصة لا تعوض لدى البعض باستكشاف خصوصيات الآخرين والاستمتاع بها..!
وبدأت الأسئلة تنهال عليها ... ماذا قال عن قصة شعرك؟.. ثم رأيه في فستانك؟ ... ثم ... بدأوا تدريجياً يغوصون في أدق التفاصيل ... إلى أن وصلوا إلى غرفة النوم!! وهي سادرة في سذاجة.. معتقدة أنها في محل إعجاب ..
حينها لم أعد أحتمل أكثر.. فغمزت لها ثم ناديتها جانباً..
سارة!..
كم أحبك ولا أرضى أن يسيء لك أحد.... فقد ملكت قلوبنا بطهارة قلبك... وتعاملك اللطيف الرائع...
عزيزتي ..
حياتك الزوجية وما يتعلق بها من أهل زوجك وبيتك وشخصية زوجك وما يحب وما يبغض وحواراتكما .... إلخ كلها أمور خاصة لا ينبغي أن يطلع عليها كل أحد إلا ما تذكرينهم فيه بخير ... فهي أمور شخصية تمسك أنت بالذات وزوجك من بعدك.. فكيف تجعلينها كلوحة جدارية يقرأها الغادي والرائح؟!!
ثم ما الفائدة التي خرجت بها من حديثك هذا؟! اعذريني إن قلت لك: ... لقد كنتِ أداة جيدة لتسلية الجمهور!!
قد أكون أثقلت عليك بالنصيحة ولكني أحبك وأتمنى لك كل الخير...
كانت تلك الكلمات كصفعة قوية تلقاها قلبها الرقيق...
وجمت للحظات، ودارت ببصرها هنيهة تفكر... لحظتُ من وراء عينيها ألماً دفيناً، كمن كان في نوم عميق ثم انتبه على حقيقة .... مُرّة..!!
حاولت أن تجد العذر لنفسها فقالت: نحن صديقات وليس بيننا أسرار!!
- سألتها: سارة...!
ما رأي زوج آمال في تسريحة شعرها؟
هزت كتفيها باستغراب وقالت: لا أدري!.
ثم سألتُها: وما الذي أهداه زوج سحر لها في ليلة زواجهما؟
أجابت أيضا بالنفي..
وسألتُها... نداء متزوجة منذ سنتين صحيح؟
أجابت نعم!!
قلت من الذي يطهو غداءها؟ حمولتها؟ أو أهلها، أو هي؟
أجابت: لا أدري!!
وهل تشاجرتْ منى مع زوجها في يوم من الأيام؟
قالت: وما يدريني؟!
إذاً لماذا هم يدرون بكل تفاصيلك؟! ولماذا أنت فقط سجل حياتك مكشوف للكل.؟ بل ومباح للجميع..؟!
نصفهن متزوجات فما الذي تعرفينه من أخبارهن؟!!
لا تكوني طيبة إلى هذه الدرجة.. فأخبارك هذه إما أن تكون مادة جيدة للحديث والتسلية بين البنات، أو للتندر أو حتى.... للحسد!!
اعتذرتُ مرة أخرى وأسرعتُ إلى المحاضرة..
**
مجلة حياة العدد (30) شوال 1423هـ