التقينا بعد طول غياب .. بعد عودتي من الغربة .... وعودته من غابات حياته ...، وغرقنا في تفاصيل الأيام الماضية .... وتناوشنا حول الرشيقة .. الجميلة .. التي كانت الوحيدة بين فتيات الأرض التي أوقعت بيننا .. فتخاصمنا بسببها فترة طويلة .. فقد كانت عندها القدرة أن تظهر لكل منا أنها حبيبته الوحيدة .. وترسل شعرها للخلف بيدها الرقيقة وتعيده مرة أخرى لمكانه وكأنما تضع النقط فوق الحروف .. وتقول " أنا لك وحدك " تبتسم الابتسامة إياها .. وتوعد بالليالي الدافئة تحلم وتتهادى نحو الأيام القادمة .... تدوس الأرض بخطوات طائرة .... وتعيد كل شيء مع صديقي ثم كانت الصدمة لكلانا ...!
عندما علمنا أنها تزوجت من شخص ثالث ... قال صديقي " إلى الآن أنا لا أعرف ماذا كانت تريد بالضبط ..؟ " .. فقلت له أنا وأنت كنا حقل تجارب ..، والحمد لله أنها خرجت من حياتنا ... ثم أخذنا الحديث عن أخبار الزوجات والأولاد .. ولكن ظل سر تلك الفتاة التي أوقعت بيننا في صدر كلانا ..، ولو جمعتنا خلوة ..، يقول أحدنا نفس ما يريد الثاني أن يقول " ترى أين هي الآن ..؟ "
.. فجأة ..
تحدث صديقي في جدية
وقال صديقي : ندخل في الموضوع المهم الذي كنت أريد أن أحدثك فيه ..، ( وتتعلق عيناه بالفضاء الرحب ..، وبالسحب ، وبالقمر .. )
ويقول صديقي : سمعت أن ابنتك سوف تعمل في الغردقة .... وكما تعلم أن ابني يعمل في شرم الشيخ .. أي أنهما سيكونان قريبان من بعضهما ..، وبعد الزواج أظن انهما سيعمـلان في مكان واحد ..، ما رأيك ..؟
رددت بنفس الإحساس القريب من الدوار : " موافق " ..
فتهللت أسارير صديقي .. وقام ليحتضني في سعادة غامرة ليقول : " نقرأ الفاتحة " ..
ولكن ونحن متعانقان تحولت السعادة فجأة إلى أشجان لا حدود لها ..!!! فانفجرنا في بكاء يهتز له الجسد ..، وتختنق العيون ، فطال بكائنا ..، حتى أنه لو دخل علينا شخص ثالث وسمع حوارنا قبل البكاء .. لقال أنها دمـوع الفرح .... ولكن في الحقيقة هي على العكس تماما !
وحين انتهينا من البكاء وسكنت نفسنـا .. قلنا في نفس واحد : " رحمة الله عليهما " .. فقد كان الاثنان قد لقيا ربهما في طفولتهما .. و همـا لم يدركـا السادسـة من عمرهـما بعـد ..
ღ♥ღ تمت ღ♥ღ
عندما لا يـُسعفك العمر على خوض تجربــــة ٍ أخرى
فهذا يعني أنّ التجربة السابقة كانت التجربة الأخيرة
وبمعنى أكثر وضوحا ً و جروحا ً .. لم يتبق َ لك من
الشعــور إلا ما تيسـّر من ذاكــــرة الماضي فقط ..!