الصورة التي نقلها وفد فلسطيني مستقل، زار القاهرة في بداية الشهر الجاري، عن رئيس جهاز المخابرات المصري الوزير عمر سليمان، الذي بدا غاضبا من حركة حماس وخالد مشعل إلى أبعد الحدود، ربما تكشف طبيعة التوتر الذي يشوب العلاقات بين القاهرة وحماس، وهو ما كان دافعا بالنسبة لمصر، للبدء في بناء جدار فولاذي على الحدود مع قطاع غزة، يستهدف تشديد الحصار عليها، حتى تستعيد رشدها، وتعيد لمصر هيبتها، التي تعدى عليها قادة حماس، عندما حاولوا التلاعب بها، سواء فيما يتعلق بملف المصالحة مع فتح، أو صفقة شاليط.
فعلى صعيد ملف المصالحة، اكتشف الوسيط المصري، أن حركة حماس تلاعبت بها إلى أبعد الحدود، فتبدل المواقف والأراء داخلها، دفع السلطات المصرية للشعور بالملل من هذا الملف، وهو ما ظهر في التعبيرات الغاضبة لعمر سليمان خلال لقاء الوفد الفلسطيني، عندما اتهم حماس بنقض كل الاتفاقات التي أبرمت معها، مؤكدا أنه بات محرجاً من هذه التصرفات، وعبر عن شعوره بالملل مما وصفه بمماطلتها، مشيرا إلى أن الحركة بهذا السلوك، تضر بكرامة مصر، وثقلها السياسي في المنطقة، ولم يكتف بهذه التصريحات العنيفة، لكنه سأل الوفد 'ماذا تريد حماس؟، هل تريدنا أن نركع تحت أقدامها لتركب على قفانا، نحن لا نعمل لدى حماس، ولا خالد مشعل'.
بالطبع لا يمكن لحماس أن تتجاهل الغضب العارم لسليمان، لأن هذا الغضب تمت ترجمته سريعا إلى مواقف مصرية واضحة، ربما يكون أبسطها بناء الجدار الفولاذي، الذي تدرك حماس جيدا مدى خطورته على سلطتها في قطاع غزة، باعتباره سيكون قادرا على وقف تهريب السلاح إلى القطاع، بما يهدد سطوة الحركة فيه.
وعلى صعيد ملف شاليط، وضعت حماس الوسيط المصري في مواقف بالغة الحرج، ربما لم يعلن النظام المصري عنها، باعتبارها مسيئة إلى صورته، وعلى رأس هذه المواقف، قبول حماس لدخول وساطة ألمانية بين حماس والحكومة الإسرائيلية، فيما بدا أنه محاولة من جانب حماس لتخفيف النفوذ المصري عليها، وهو النفوذ الذي يمنح مصر أوراقا تفاوضية أهم في علاقاتها مع إسرائيل، التي كانت تتعامل مع مصر باعتبارها البوابة الشرعية والوحيدة للتافهم مع غزة، رغم العلاقات المتوترة بين حماس والقاهرة.
ومنذ اللحظة الأولى لدخول الوساطة الألمانية في مسار صفقة شاليط، كان واضحا الترحيب المبالغ فيه من جانب قادة حماس، الذين أعلنوا أكثر من مرة أن الصفقة على وشك الاكتمال، بفضل الجهود الألمانية، وهو ما لم يتم حتى الآن، بما يعيد للجانب المصري الكثير من الاعتبار، خاصة عندما وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الدعوة إلى عمر سليمان لزيارة القدس يوم الأحد المقبل، بما يزيد من التكهنات بأن إسرائيل بصدد تقديم أحدث ردودها لحركة 'حماس'، بشأن صفقة تبادل الأسرى.
ويبدو أن الزيارة المرتقبة لسليمان إلى القدس، ستكون نقطة فاصلة بالنسبة لصفقة تبادل الأسرى، لأن إسرائيل تسعى فيما يبدو للاستفادة من توتر العلاقات بين حماس والقاهرة، والذي يزداد يوما بعد آخر، خاصة بعد أن أفادت الأنباء الواردة من غزة، بأن إطلاق نيران كثيف للنيران، من الجانب الفلسطيني، وقع يوم الخميس، باتجاه مدينة رفح المصرية، وهو ما يشكل استفزازا جديدا للجانب المصري، الذي يشعر بأن حماس تصر على جرح كرامته.