- كيف نرد على الأطفال عندما يسألوننا أين ربي ولماذا لا نراه؟
تجيب الدكتورة وفاء العساف:أقول ربي في السماء لا نراه لأنه لا أحد يستطيع أن يراه.. ولكن إن عبدنا الله وأطعناه وفعلنا الخير واجتنبنا الشر فإننا سنراه إن شاء الله في الجنة، ولا بد هنا أن نقص عليهم قصة موسى عليه السلام وماذا حدث له عندما طلب أن يرى الله، يفهم من ذلك الطفل أن يتوقف عند حد معين ويتوجه عقله لما هو أولى.. ونفهمه أننا في مرحلة عمل وإعداد للوصول إلى رؤية الله نقول له كل ما على الأرض لله ، نعلمه أركان الإيمان الستة والأهم من ذلك أن يكون كل ذلك موجود في قرارة المربي نفسه، كما أن المربي عندما يعلم طفله يتعلم معه إذا تثار المسألة لديه من جديد كما أن على المربي أن يكون قدوة في أقواله وأفعاله لذا يجب أن نربي أنفسنا أولاً وخاصة أن الأخلاق كلها قابلة للاكتساب .
- برأيك ما هو الأسلوب المناسب لتعليم الأطفال العقيدة الصحيحة ؟
أرى أن نقتدي بمنهج النبي – صلى الله عليه وسلم – في تعليم الصحابة، تعليمهم الحب والرفق كخطوة أولى نوصل لهم المعلومة ونحببها إلى نفوسهم ونكافئ مطبقيها ونعطيهم حوافز ومرغبات، إذا أن الأطفال ملوا طريقة العرض التلقيني المباشر، لماذا لا نجلس مع أطفالنا جلسة قرآنية نقرأ فيها خمسة آيات نسألهم بعدها ماذا فهموا منها نحاول أن نشغلهم ثم نقدم مكافأة لمن يجيب الإجابة الصحيحة، بذلك سنولد لديهم روح التنافس وهي طريقة جيدة وغير مملة للتعليم و جربتها بعض الأسر ونجحت معهم على أن يتم كل ذلك برفق ولين.
ومتى يبدأ استخدام العقاب معهم؟ ..
يبدأ بعد أن نقدم لهم المعلومات و يباشرونها ويعرفونها جيداً وتكون قد أخذت وقتها الكافي وصارت سلوك لهم، فإذا لم يطبقوها يمكن استخدام العقاب وأعتقد أن الحرمان أسلوب جيد .
لكن للأسف كثير من المربين في غالب العقوبات التي تسري على الأطفال تكون ردود أفعال أو حالة غضب فإذا فعل الطفل أمراً وكان المربي غاضباً ضربه وإذا فعل الأمر نفسه وكان المربي في حالة نفسية جيدة لم يعلق عليه!. هذه ليست تربية إنما تفريغ شحنة، وأنا أعرف أن هناك من الآباء من يصلي ركعتين قبل أن يعاقب أولاده.
وعلينا أن نعلم الطفل العطاء وعدم انتظار رد هذا العطاء إلا من الله، يجب أن يكون كل ذلك حاضر في ذهن المربي كأن تطلب من الطفل أن يعطي أخيه أو صديقه حلوى وتقول له إن أعطيته مما معك سيعطيك مما معه وهذا خطأ بل علينا أن نقول أعطيه ليرضى عنك الله ويكتبه في ميزان حسناتك ويرزقك غيرها .
.
هما من يجعلان الفطرة تستقيم أو تنحرف
وعن مسؤولية الوالدين في غرس العقيدة الصحيحة عند أطفالهم تقول الأستاذة وفاء طيبة _ محاضرة بقسم علم النفس كلية التربية جامعة الملك سعود إن في حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ما يبين أن الفطرة سوية وأن الوالدين هما من يجعلان هذه الفطرة تستقيم أو تنحرف.
من هذا الحديث ألمس سهولة غرس العقيدة الصحيحة في البيئة الإسلامية الصحيحة، فمتى كان الوالدان على استقامة، ومن الاستقامة رغبتهما في تنشئة أطفالهما على العقيدة السليمة التي فطره الله عليها، سهل ذلك عليهما لأن الأساس متوفر وهو الفطرة السليمة .
وتبين الأستاذة وفاء طيبة أن لغرس أي قيمة في نفوس الأفراد عدة مستويات، أولها: الوعي بهذه القيمة والتعرف عليها، والعقيدة أهم قيمة (وإن كانت قيمة معقدة مؤلفة من قيم كثيرة مرتبطة ببعضها) في حياة المسلم، لذلك لا بد من أن أبدأ بتوعية الطفل بهذه القيمة، أي أن أجعل الطفل يحس ويشعر بوجود الله سبحانه وتعالى، والمنهج الإسلامي يسعى لتوفير الأمن والطمأنينة في نفوس الأطفال ومن ذلك تهيئة نفسية الأطفال وتوعيتها وإعدادهم لما أريد غرسه من سلوك .
فإذا كان التوحيد هو: توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، فيمكننا توعية الطفل بذلك بعدة طرق:
1) تكرار الحديث معه أننا نعبد الله وحده، نصلي لله، نصوم لله، نتصدق لله، نكرم الجار لله، بر الوالدين لله، الله وحده هو الذي نعبده (توحيد الألوهية) .
2) الحديث معه عن علم الله الواسع، عن نعمته الكبيرة علينا، عن فضله علينا، ورزقه لنا، وتذكير الطفل بذلك كلما جاءت مناسبة، خاصة إذا كان في موقف سعيد (توحيد الربوبية) .
3) توحيد الأسماء والصفات ممكن تبسيطه وعرض ما يمكن الطفل أن يفهم منه كمناقشة بعض أسماء الله وصفاته ببساطة، أي الأسماء والصفات الواضحة التي يمكن أن يفهمها الطفل، كأن نقول إن الله عليم، وهذا يعني أنه يعلم كل شيء (مثلاً: يعلم ما نفعل في كل لحظة، يعلم ما نقول، يعلم ما نفكــــــر به، ....)، وبالتالي فإن كذب فالله يراه، إن أخذ شيئاً ليس له فالله يراه، إن بر أمه أو ساعدها، إن أعطى فقيراً فالله يراه ويحبه وهكذا. ونتابع مثل ذلك في الأسماء والصفات السهلة مثل: إن الله بصير، إن الله رزاق ...
4) نحببه في الجنة، وحب الله له، ورأيي أن لا نذكر النار والعقاب في هذا السن الصغير، حيث أن فيها تخويف من الله تعالى ونحن نريد الأطفال أن يحبوا الله أولاً، وأرى أن نذكر النار أو العقاب بعد سن سبع سنوات، أو حينما نشعر أن الطفل ممكن أن يتقبل ذلك ولا أعتقد أن نخبره بذلك قبل سن6 إلى 7 سنوات وهي المرحلة التي يؤدب فيها المربي ابنه أو بنته، وتزداد قدرته على إدراك المعاني المجردة، وتتمايز الانفعالات عنده ففي هذه السن الحب والسعادة والأمن متشابهان وكذلك الخوف والكره والنار .
5) القدوة الحسنة.
6) الإجابة على أسئلة الطفل ببساطة بطريقة سهلة يفهمها، ولا نتوقع من الطفل التعقيد في الأسئلة، فهو غالباً ما يتقبل الإجابات البسيطة الصحيحة لقلة خبرته ومستوى نموه العقلي. وهذا ما يخيف الوالدين أحياناً أي تتالي الأسئلة إلى درجة قد يصعب الإجابة عليها وكأن هذا الطفل يعي ما يعون هم، وهذا غير صحيح .
المهم أن نكون قاعدة عريضة من حب الله وحده والارتباط به، فكل ما نفعله نفعله لله، وكل ما يأتينا من خير فهو من الله .
وسوف نشاهد تدريجياً الانتقال إلى المستوى الثاني من تعلم القيمة وهو الاستجابة أو الممارسة، ويجب أن نتوقع أن تكون الاستجابة أولاً ظاهرية ثم عن اقتناع (أو تصديق باطني)، ثم في أعلى مستويات الاستجابة وهو مراقبة المتعلم لذاته وقد تتأخر هذه المرحلة قليلاً، إلا أنني أعتقد أن بعض الأطفال يصل إليها في بعض السلوكيات قبل سن الثامنة. فمثلاً الطفل في تعامله مع سلوك الكذب إن هو تعلم أن الكذب لا يجوز والصدق هو سلوك المؤمن الحق، فإنه في البداية قد يكذب ولكن لا يكذب أمام أبيه (الاستجابة ظاهرية)، ثم بعد ذلك يكون مقتنعاً أن الكذب لا يجوز ولكنه قد لا يستطيع مقاومة إغراء الكذب أحياناً (التصديق الباطني)، ثم بعد ذلك يستقر المعنى في نفسه ويصبح يراقبه من داخله (مرحلة المراقبة).
وأحب أن أضيف أنه من المهم جداً أن يعيش الطفل في بيئة أسرية آمنة مستقرة مريحة يشعر فيها بالحب، فهذا العامل مهم جداً لتسهيل امتصاص القيم من البيئة المحيطة.