يمتلك الأبوان القدرة على معرفة صدق القول والفعل من عدمه، ويمكن الربط بين الأفعال والأقوال عند الطفل للوصول إلى معرفة حقيقة السلوك الذي يتبعه الطفل، ولهذه القدرة التأثير المتفاعل في كشف تلك الفاعلية عند الطفل في قول الكذب، ويمكن معرفة الأنماط السلوكية التي يكذب فيها الطفل من خلال التدقيق والملاحظة المستمرة للطفل ومعرفة صور العلاقات بينه وبين المحيطين به، ويمكن تدقيق الأقوال ومطابقتها مع الأفعال وتسجيل المتغيرات السلوكية وتثبيت الملاحظات عليها. ومتابعة التطابق بين ما يأتي به الطفل من فعل وقول وتدقيق ذلك عن طريق المتابعة أو الاستفسار دون علمه بتلك المتابعة.
ما هي العوامل التي تعزز الكذب؟
يتعزز الكذب عند الطفل ويصبح نمطاً سلوكياً ثابتاً إذا وجد أن الآخرين اقتنعوا بما قال رغم أنه يكذب، فتراه يكرر القول والفعل ويختلق أنماطاً أخرى، وينتهج نفس المنهج للوصول إلى غاياته، وكذلك يمكن أن يتعزز الكذب ويأخذ أنماطاً أخرى إذا رفضنا الإصغاء إليه ورفضنا الدخول في مناقشة معه فيما يتعلق بحاجاته، أو إذا تنافرت اتجاهات القبول والرفض عند العناصر المحيطة به. فتراه يأخذ على عاتقه التعبير بصيغ يقبلها طرف ويرفضها الطرف الآخر. ولا يقف الطفل عند حدود معينة من الكذب، بل تراه يوسع مساحة الأحداث التي يكذب بها، لأنه يرغب في لفت الانتباه إليه من أكثر من جهة.
كيف يمكن معالجة الكذب عند الطفل؟
تعد هذه المهمة من المهام الصعبة التي تقع على كاهل كل تربوي، لأنها تعني إعادة الطفل إلى المسار الصحيح في علاقته مع الآخرين، كما أنها توفر علينا فرصة معالجة آثار الكذب لاحقاً.
ويمكن معالجة الكذب عند الطفل من خلال:
1. التوجيه الديني في رفض الكذب وعدم تطابقه مع سمات المسلم الصالح على ضوء سمات الشخصيات المهمة في تـاريخنا الإسلامي وتراثنا العربي، وأول تلك الشخصيات هي شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين.
2. استعراض الرفض لكل كذبة تمر في بيئته سواء كانت منه أو من غيره مع أهمية توضيح أضرار الكذب من خلال القصص التي يشعر الطفل أنها واقعية، حتى وإن كانت على لسان الحيوانات، ونمنحه فرصة الترميز لكل قصة.
3. العمل على عدم الكذب أمامه مهما كانت الصيغة، مثال أن بعض الآباء يرفضون الرد على الهاتف بعذر أنه غير موجود بالبيت، ويطلب من الطفل الرد على هذا الأساس ، فالطفل يشعر أن صدق القول والفعل عند والده قد انهار وتحول إلى صيغ مرفوضة، ومع التكرار تراه يكرر العذر دون أن يشعر ويعمم الأسلوب على أكثر من حالة.
4. الكف عن إشعار الطفل أن كل ما يقوله خاضع للشك؛ لأن ذلك يجعله يخشى التعبير الصحيح عن حاجاته، أو يلجأ إلى من يصدقه فيجد فضاء آخر للكذب يجعله يبتعد عن عائلته، وتخلق لديه حالة عزلة داخل المسكن.
5. تمثيل الصدق بالقول والفعل أمام الطفل ومكافأته على صدقه مع الإشارة إلى أن الصدق هو السبب في حصوله على هذه المكافأة.